
في ليلة مصرية استثنائية، لم تكن الأضواء مسلطة على القاهرة وحدها، بل امتد شعاع الفخر والبهجة ليصل إلى كل ربوع الوطن. ففي محافظة دمياط، تحولت الميادين العامة إلى قاعات سينمائية مفتوحة، حيث تجمع الآلاف من الأهالي، شيبًا وشبابًا وأطفالًا، لمشاهدة لحظة تاريخية طال انتظارها: الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، صرح الحضارة الذي يروي قصة مصر الخالدة.
ليلة للتاريخ.. ميادين دمياط تتحول لساحات احتفال
مع اقتراب موعد البث المباشر لحفل الافتتاح، بدأت الميادين الرئيسية في دمياط، مثل ميدان الساعة، تمتلئ بالمواطنين الذين تركوا منازلهم ليشاركوا في هذا العرس القومي. تم نصب شاشات عرض عملاقة، وبدأت الأجواء الاحتفالية تعم المكان. علت أصوات الأغاني الوطنية التي تزيد من حماس الحاضرين، ورفرفت الأعلام المصرية في أيدي الأطفال، بينما ارتسمت على وجوه الكبار نظرات مليئة بالفخر والترقب. لم يكن المشهد مجرد متابعة لحدث، بل كان تعبيرًا صادقًا عن الانتماء والوحدة، حيث شعر الجميع بأنهم جزء لا يتجزأ من هذه اللحظة العظيمة.
المتحف الكبير.. حلم الأجداد يتحقق بأعين الأحفاد
إن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد افتتاح لمبنى، بل هو تتويج لجهد استمر لسنوات طويلة، وحلم راود أجيالًا من المصريين. هذا الصرح العملاق، الذي يقف شامخًا بجوار أهرامات الجيزة، يعد أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، وهي الحضارة المصرية القديمة. يضم المتحف بين جدرانه أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة في مكان واحد.
النسبة لأهالي دمياط، كما هو الحال لبقية المصريين، مشاهدة هذا الافتتاح عبر الشاشات كانت بمثابة رحلة عبر الزمن. رأوا بأعينهم كيف أن تاريخ أجدادهم يتم تقديمه للعالم بأبهى صورة، وشعروا بالفخر لأن بلادهم تقدم للبشرية هذه الهدية الثقافية الفريدة التي ستظل منارة علمية وثقافية للأجيال القادمة.
رسالة من دمياط: الفخر بالوطن يوحدنا
يؤكد هذا التجمع الجماهيري في دمياط على حقيقة هامة: إن الإنجازات القومية الكبرى هي ملك لكل المصريين، بغض النظر عن أماكن تواجدهم. فالفرحة بافتتاح المتحف لم تقتصر على من حضروا الحفل في القاهرة، بل كانت فرحة مشتركة وحدت القلوب من الإسكندرية إلى أسوان. لقد أثبتت هذه المشاهد أن التكنولوجيا، ممثلة في شاشات العرض، قادرة على كسر حواجز المسافات وخلق حالة من المشاركة الوجدانية الجماعية.
إن التفاف أهالي دمياط حول الشاشات لمتابعة هذا الحدث هو رسالة قوية بأن حب الوطن والفخر بتاريخه هو القاسم المشترك الذي يجمع المصريين دائمًا، ويجعلهم يقفون صفًا واحدًا للاحتفال بكل ما هو عظيم ومُشرّف في تاريخهم وحاضرهم.
تعليقات